الدنيا، وهو قولُه: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [السجدة: ١٣]، ولا قضائي الذي قضَيتُه فيهم فيها.
كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾: قد قضَيْتُ ما أنا قاضٍ (١)
حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا حكَّامٌ، عن عنبسةَ، عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن القاسمِ بنِ أبي بَزَّةَ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾. قال: قد قضَيْتُ ما أنا قاضٍ.
[وقولُه](٢): ﴿وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾. يقولُ: ولا أنا بمعاقبٍ أحدًا من خَلْقي بجرمِ غيرهِ، ولا حاملٍ على أحدٍ منهم ذنبَ غيرِه، فمُعَذِّبِه به.
وقولُه: ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ﴾. يقولُ: وما أنا بظلَّامٍ للعبيدِ في يومِ نقولُ لِجهنَّمَ: هل امتلأتِ؟ وذلك يوم القيامةِ، "ويومَ نقولُ" من صلةِ "ظلَّامٍ". وقال تعالى ذكرُه لجهنم يومَ القيامةِ: ﴿هَلِ امْتَلَأْتِ﴾؟ لما سبَق من وعدِه إيَّاها أنه يَمْلَؤُها من الجِنَّةِ والناسِ أجمعين.
وأما قولُه: ﴿هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾. فإن أهلَ التأويلِ (٣) اختلَفوا في تأويلِه؛ فقال بعضُهم: معناه: ما من مزيدٍ. قالوا: وإنما يقولُ اللَّهُ لها جلَّ ثناؤه: هل امتلأتِ بعدَ أن يَضَعَ قدمَه فيها، فيَنْزَوِيَ بعضُها إلى بعضٍ، وتقولُ: قَطْ، قَطْ. من تَضَايُقِها، فإذا قال لها وقد صارت كذلك: هل امتلأتِ؟ قالت حينَئذٍ: هل من
(١) تفسير مجاهد ص ٦١٥. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٠٦ إلى ابن المنذر. (٢) سقط من: الأصل. (٣) في الأصل: "التوراة".