واختلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ دخولِ الباءِ في قولِه: ﴿بِقَادِرٍ﴾؛ فقال بعضُ نحويِّى البصرةِ: هذه الباءُ كالباءِ في قولِه: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ﴾ [الرعد: ٤٣، الإسراء: ٩٦، العنكبوت: ٥٢]. وهو مِثلُ: ﴿تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾ [المؤمنون: ٢٠].
وقال بعضُ نحويِّى الكوفةِ (١): دخَلت هذه الباءُ لـ "لَمْ". قال والعربُ تُدْخِلُها مع الجحودِ إذا كانت رافعةً لما قبلَها، وتُدْخِلُها إذا وقَع عليها فعلٌ يَحْتَاجُ إلى اسمين، مثلَ قولِك: ما أظنُّك بقائمٍ، وما أظنُّ أنك بقائمٍ، وما كنتَ بقائمٍ. فإذا خَلَعْت الباءَ نصَبْت الذي كانت تعملُ فيه [بما يعملُ فيه](٢) من الفعلِ. قال: ولو أُلْقِيت الباءُ من "قادرٍ" في هذا الموضعِ رفع؛ لأنه خبرٌ لـ "أن". قال: وأنشَدني بعضُهم:
فما رجَعت بخائبةٍ (٣) ركابٌ … حَكِيمُ بنُ المسيَّبِ مُنْتَهاها
فأدخَل الباءَ في فعلٍ لو أُلقيت منه نُصِب (٤) بالفعلِ لا بالباءِ، يُقاسُ على هذا ما أشبَهه.
وقال بعضُ مَن أنكَر قولَ البصريِّ الذي ذكَرْنا قولَه: هذه الباءُ دخَلت للجحدِ؛ لأنَّ المجحودَ في المعنى - وإن كان قد حال بينَهما بـ "أَنَّ" -: أَوَ لَمْ يَروا أَنَّ الله قادرٌ على أن يُحْيِيَ المَوْتَى. قال: فـ "أن" اسمُ "يَرَوا"، وما بعدَها في صلتِها، ولا تَدْخُلُ فيه الباءُ، ولكنَّ معناه جَحْدٌ، فدخَلت للمعنى.
(١) هو الفراء في معاني القرآن ٣/ ٥٦، ٥٧. (٢) سقط من ت ١، وفى ص، ت ٢، ت ٣: "تعمل". (٣) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "بجانية". (٤) في ت ١: "نصبته"، وفى ت ٢، ص: "نصبت".