حُدِّثْتُ عن الحسين، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعتُ الضحاكَ يقولُ في قوله: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾. قال: هذا منسوخٌ أمر الله بقتالِهم في سورة "براءةَ"(١).
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا حكَّامٌ، قال: ثنا عَنْبَسةُ، عمن ذكَره، عن أبي صالحٍ: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾. قال: نسَختها التي في "الحجِّ": ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا﴾ (١)[الحج: ٣٩].
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾. قال: هؤلاء المشركون. قال: وقد نُسِخ هذا، وفُرِض جهادُهم والغلظةُ عليهم (١).
وجُزِم قولُه: ﴿يَغْفِرُوا﴾. تشبيهًا له بالجزاء والشرط، وليس به، ولكن لظهوره في الكلام على مثاله، فعُرِّب (٢) تعريبَه، وقد مضَى البيانُ عنه قبلُ (٣).
واختلَفت القرأةُ في قراءة قوله: ﴿لِيَجْزِيَ قَوْمًا﴾؛ فقرأه بعضُ قرأة المدينة والبصرةِ والكوفةِ: ﴿لِيَجْزِيَ﴾ بالياء (٤) على وجهِ الخبرِ عن الله أنه يَجْزِيهم ويُثيبُهم. وقرأ ذلك بعدُ عامةُ قرأة الكوفيين:(لِنَجْزِيَ) بالنون (٥) على وجه الخبر من الله عن نفسِه. وذُكر عن أبي جعفر القارئ أنه كان يَقْرَؤُه:(لِيُجْزَى قَوْمًا) على مذهب ما لم يُسَمَّ فاعلُه (٦)، وهو على مذهب كلام العرب لحنٌ، إلا أن يَكونَ أراد: ليُجْزَى
(١) ينظر التبيان ٩/ ٢٥٠. (٢) في ص، ت ١، ت،٢، ت ٣: "فعرف". (٣) ينظر ما تقدم في ١/ ٥٥٧، ٥٥٨. (٤) هي قراءة ابن كثير ونافع وعاصم وأبي عمرو ويعقوب. النشر ٢/ ٢٧٨. (٥) هي قراءة ابن عامر وحمزة والكسائى وخلف. المصدر السابق. (٦) المصدر السابق.