وقد بيَّنا الصواب في ذلك فيما مضَى، والعلةَ التي من أجلها اختَرْنا ما اختَرْنا من القولِ فيه (١).
وقولُه: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ﴾. يعنى تعالى ذكره: ولقد اختبَرْنا وابتلَينْا يا محمدُ قبل مشركي قومِك مثالَ (٢) هؤلاء؛ قومَ فرعونَ مِن القبطِ، ﴿وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ﴾. يقولُ: وجاءَهم رسولٌ من عندِنا أرسَلناه إليهم، وهو موسى بنُ عمران صلواتُ اللَّهِ عليه.
كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ﴾: يعني موسى.
حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿رَسُولٌ كَرِيمٌ﴾. قال: موسى ﵇(٣).
ووصَفه جلّ ثناؤُه بالكرمِ لأنه كان كريمًا عليه، رفيعًا عندَه مكانُه. وقد يجوزُ أن يكونَ وصَفه بذلك لأنه كان في قومِه شريفًا وسيطًا.
وقولُه: ﴿أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وجاء قومَ فرعونَ رسولٌ من الله كريمٌ عليه بأن ادفعوا إليَّ. ومعنى ﴿أَدُّوا﴾: ادفَعوا إليَّ، فأَرِسلوا معى واتبعونِ. وهو نحوُ قولِه: ﴿أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي
(١) ينظر ما تقدم في ص ٢٠. (٢) في ص، ت ٢، ت ٣: "فقال". (٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٠٧ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٩ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.