اختلَفت القرأَةُ في قراءةِ قوِله: ﴿رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾؛ فقرأَتْه عامةُ قرأَةِ المدينة والبصرة:(رَبُّ السَّمَاوَاتِ) بالرفع (١) على إتْباعِ إعرابِ "الربِّ" إعرابَ ﴿السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾. وقرأَتْه عامةُ قرأَةِ الكوفةِ وبعضُ المكيِّين: ﴿رَبِّ السَّمَاوَاتِ﴾ خفضًا (٢)، ردًّا على "الربِّ"ﷻ في قولِه: ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾.
والصوابُ من القولِ في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيَّتِهما قرَأ القارئ فمصيبٌ.
ويعنى بقولِه: ﴿رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: الذي أنزَل هذا الكتابَ يا محمدُ عليك، وأرسَلك إلى هؤلاء المشركين رحمةً مِن ربِّك - مالكُ السماواتِ السبعِ (٣) والأرضِ وما بينهما من الأشياء كلِّها.
وقولُه: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾. يقولُ: إن كنتم توقنون بحقيقةِ ما أخبَرْتُكم مِن أنَّ ربَّكم ربُّ السماوات والأرضِ، فإن الذي أخبَرْتُكم من (٤) أن الله (٥) الذي هذه الصفاتُ صفاتُه، وأن هذا القرآنَ تنزيله، ومحمدًا ﷺ رسولُه - حقٌّ يقينٌ، فأيقِنوا به، كما أيقَنتم بما توقنون به (٤) من حقائقِ الأشياءِ غيرِه.
وقولُه: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾. يقولُ: لا معبود لكم أيُّها الناسُ غير ربِّ السماواتِ والأرضِ وما بينَهما، فلا تعبُدوا غيرَه؛ فإنه لا تصلُحُ العبادةُ لغيرِه، ولا تنبغي لشيءٍ سواه، ﴿يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾. يقولُ: هو الذي يُحْيى ما يشاءُ، ويُميتُ ما
(١) وهى قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر. السبعة لابن مجاهد ص ٥٩٢. (٢) وهى قراءة عاصم وحمزة والكسائي. المصدر السابق. (٣) سقط من: ت ٢، ت ٣ (٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٥) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "هو".