وقولُه: ﴿وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: والكافرون باللهِ لهم يومَ القيامةِ عذابٌ شديدٌ على كفرِهم به.
واخْتَلَف أهلُ العربيةِ في معنى قولِه: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾. فقال [بعضُ نحويِّى البصرةِ: ويَستجيبُ الذين آمنوا](١): أي: استجابوا (٢). فجعَلَهم هم الفاعلين، فـ ﴿الَّذِينَ﴾ في قولِه رفعٌ، والفعلُ لهم. وتأويلُ الكلامِ على هذا المذهبِ: واسْتَجاب الذين آمَنوا وعمِلوا الصالحاتِ لربِّهم إلى الإيمانِ به، والعملِ بطاعتهِ إذ دعاهم إلى ذلك.
وقال آخرُ منهم: بل معنى ذلك: ويُجيبُ الذين آمنوا. وهذا القولُ يَحْتَمِلُ وجهين؛ أحدُهما النَّصبُ (٣)، بمعنى: ويُجِيبُ الله الذين آمنوا. والآخرُ ما قاله صاحبُ القولِ الذي ذكَرناه.
وقال بعضُ نحويِّى الكوفةِ (٤): ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾. يكونُ ﴿الَّذِينَ﴾ في موضعِ نصبٍ بمعنى: ويُجِيبُ الله الذين آمنوا. وقد جاء في التنزيلِ: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾ [آل عمران: ١٩٥]، والمعنى، [واللهُ أعلمُ: فأجابهم](٥). ربُّهم، إلا أنك إذا قلتَ: استجاب. أدْخَلْتَ اللامَ في المفعولِ، وإذا قلتَ: أجاب. حذَفْتَ اللامَ، ويكونُ "اسْتَجابهم" بمعنى: اسْتَجاب لهم. كما قال: ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾ [المطففين: ٣]. والمعنى، والله أعلم: وإذا كالوا لهم أو وزَنوا لهم يُخْسِرُون. قال: ويكون ﴿الَّذِينَ﴾ في موضعِ رفعٍ إن يُجْعَلِ الفعلُ لهم، أي:
(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بعضهم". (٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "استجاب". (٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الرفع". (٤) هو الفراء في معاني القرآن ٣/ ٢٤. (٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فأجاب لهم"