وإنما قلتُ: هذا القولُ (١) أولى بتأويلِ هذه الآيةِ؛ لدخولِ "في" في قولِه: ﴿إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾. ولو كان معنى ذلك على ما قاله من قال: إلا أن تَودُّوا قَرابتي. [أو على ما قاله من قال: إلا أن تَودَّدُوا وتَقرّبوا إلى اللهِ](٢). لم يَكُنْ لدخولِ "في" في الكلامِ في هذا الموضعِ وجهٌ معروفٌ، ولَكان التنزيلُ:"إلا مودة القربَى". إن عُنِى به الأمرُ بمودةِ قَرابةِ رسولَ اللهِ، أو:"إلا المودة بالقربى"، أو:"و (٣) القربَي". إن عُنى به التودُّدُ بالتقرُّبِ (٤)[إلى اللهِ جلَّ وعزَّ بصالحِ الأعمالِ، أو عُنى به: إلا التودُّد والتقرُّبِ](٥).
وفي دخولِ (في) في الكلامِ أوضحَ الدليلِ على أن معناه: إلا مودَّتي في قَرابتي منكم. وأن الألفَ واللامَ في ﴿الْمَوَدَّةَ﴾ أُدْخِلَتَا بدلًا من الإضافةِ، كما قيل: ﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٤١]. ﴿إِلَّا﴾: إلَّا في هذا الموضع واستثناءٌ منقطعٌ. ومعنى الكلامِ: قل لا أسْأَلُكم عليه أجرًا، لكني أَسْأَلُكم المودةَ في القربى. فالمودةُ منصوبةٌ على المعنى الذي ذكَرْتُ. وقد كان بعضُ نحويِّي البصرة يقولُ: هي منصوبةٌ بمضمرٍ من الفعلِ، بمعنى: إلا أن أَذْكُرَ مودةً قَرابتِي.
وقولُه: ﴿وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا﴾. يقولُ جلَّ وعزَّ: ومَن يعملْ حسنةً - وذلك أن يَعمَلَ عملا يُطِيعُ الله فيه - من المؤمنين ﴿نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا﴾. يقولُ جلَّ وعزَّ: نُضاعِفْ عمله ذلك الحسنَ، فَنَجْعَلْ له مكان الواحد عشرًا إلى ما شئْنا من الجزاءِ والثوابِ.
(١) في ص، ص، م: "التأويل". (٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أو تقربوا إلى الله". (٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ذا". (٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٢: "والتقرُّب". (٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.