أبيه، عن ابن عباسٍ قولِه: ﴿جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ﴾. يقولُ: يَجْعَلُ لكم فيه معيشةً تَعِيشون بها (١).
حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ﴾. قال: يُعِيشُكم فيه (٢).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ﴾. قال: عيش من اللَّهِ يُعِيشُكم فيه.
وهذان القولان وإن اخْتَلَفا في اللفظِ مِن قائلَيْهما، فقد يَحْتَمِلُ توجيهُهما إلى معنًى واحدٍ، وهو أن يكونَ القائلُ في معناه: يُعِيشُكم فيه. أراد بقولِه ذلك: يُحْيِيكم بعيشِكم به كما يُحْيِي مَن لم يَخْلُق بتكوينه إياه، ونفخِه الروحَ فيه حتى يَعِيشَ حيًّا.
وقد بيَّنْتُ معنى: ذرَأ اللَّهُ الخلقَ. فيما مضَى بشواهدِه المغنيةِ عن إعادتِه (٣).
وقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾. فيه وجهان؛ أحدُهما: أن يكونَ معناه: ليس [كهو شيءٌ](٤). وأُدْخِل الْمِثلُ في الكلامِ توكيدًا للكلامِ؛ إذِ اخْتَلَف اللفظُ به وبالكافِ، وهما بمعنًى واحدٍ، كما قيل (٥):
* ما إن نَدِيتُ بشيءٍ أنت تَكْرَهُهُ (٦) *
(١) ينظر البحر المحيط ٧/ ٥١٠. (٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٩٠ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣ إلى عبد بن حميد. (٣) ينظر ما تقدم في ١٠/ ٥٩١. (٤) في م: "هو كشيء". (٥) الشطر الأول من بيت للنابغة الذيباني، ديوانه ص ٢٠. (٦) يقال: ما ندينى من فلان بشيء أكرهه. أي: ما بلَّنى ولا أصابني. اللسان (ن د ى).