مُكَذِّبون من هذا الكتاب، حينَ تُجعل الأغلال والسلاسل في أعناقهم في جهنم.
وقرأت قرأةُ الأمصار: ﴿وَالسَّلَاسِل﴾ برفعها، عطفًا بها على ﴿الأَغْلَالُ﴾، على المعنى الذي بيَّنتُ، وذُكر عن ابن عباسٍ أنه كان يقرؤه:(والسَّلاسِلَ يَسْحَبون) بنصب السلاسلِ [وفتح (يَسْحَبُون)، بمعنى: ويَسْحَبون السلاسلَ] (١)، ﴿فِي الْحَمِيمِ﴾ (٢).
وقد حكى أيضًا عنه أنه كان يقولُ: إنما هو: وهم في السلاسلِ يُسْحَبون (٣). ولا يُجيرُ أهل العلم بالعربية خفض الاسم والخافض مضمرٌ. وكان بعضهم (٤) يقول في ذلك: لو أن مُتَوَهِّمًا قال: إنما المعنى: إذ أعناقهم في الأغلال وفي (٥) السلاسلِ يُسْحَبون. جازَ الخفضُ في "السلاسلِ" على هذا المذهب. وقال: مثله مما رُدَّ إلى المعنى قول الشاعر (٦):
قد سالَمَ الحيَّاتُ منه القَدَما … الأُفْعُوانَ والشُّجَاعَ الأَرْقَما (٧)
فنصب الشُّجاعَ، والحياتُ قبل ذلك مرفوعةٌ؛ لأن المعنى: قد سالَمت رِجْلَه الحياتُ وسالمتها، فلما احتاجَ إلى نصب القافيةِ، جعل الفعلَ من القدم واقعا على الحيَّاتِ.
(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) وهى قراءة ابن مسعود وابن عباس وزيد بن علي وابن وثاب والمسيّبى في اختياره. وقال ابن عباس: إذا كانوا يجرونها فهو أشد عليهم، يكلفون ذلك وهم لا يطيقون. البحر المحيط ٧/ ٤٧٤، ٤٧٥. (٣) ينظر البحر المحيط ٧/ ٤٧٥. (٤) هو الفراء في معاني القرآن ٣/ ١١. (٥) سقط من: م. (٦) هو من أرجوزة لأبي حيان الفقعسى، وقيل: لمساور بن هند العبسى. وبه جزم الترمذى والبطليوسي، وقيل: للعجاج، وقال السيرافي: قائله التدمرى. وقال الصغاني: قائله عبد بني عبس. شرح شواهد المغني ٢/ ٩٧٣. (٧) كتب فوق هذه الكلمة في الأصل: "الشجعما". وهي رواية البيت في شرح شواهد المغنى ٢/ ٩٧٤ والشجعم ذكر الحيات الجرئ المسلط.