وقال آخرُ غيرُه منهم: هذه لامُ اليمينِ، تَدْخُلُ مع الحكايةِ، وما ضارَع الحكايةَ؛ لتَدُلَّ على أن ما بعدَها ائتنافُ (١). قال: ولا يجوزُ في (٢) جواباتِ الأيمانِ أن تقوم مقامَ اليمينِ؛ لأن اللامَ - كانت معها النونُ أو لم تَكُنْ - اكتفى (٣) بها مِن اليمينِ؛ لأنها لا تَقَعُ إلا معها.
وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: دخَلَت لتُؤْذِنَ أن ما بعدَها ائْتِنافٌ (٤)، وأنها لامُ اليمينِ.
وقولُه: ﴿رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ﴾. قد أتَينا عليه في سورةِ "البقرة"، فأغْنَى ذلك عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٥)، ولكنا نَذْكُرُ بعضَ ما قال بعضُهم فيه:
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ﴾. قال: كانوا أمواتًا في أصلابِ آبائِهم، فأحْياهم اللهُ في الدنيا، ثم أماتهم الموتةَ التي لا بدَّ منها، ثم أحْياهم للبعثِ يومَ القيامةِ، فهما حياتان وموتتان (٦).
وحُدِّثْتُ عن الحسينِ، قال: سمِعْتُ أبا مُعاذٍ يقولُ: أخْبَرنا عبيدٌ، قال: سمِعْتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ﴾. هو قولُ اللهِ: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ
(١) في ت ١: "استئناف". (٢) في ص، ت ٢، ت ٣: "من". (٣) في النسخ: "فاكتفى". (٤) في ت ٣: "استئناف". (٥) تقدم في ١/ ٤٤٣ - ٤٥١. (٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٤٨ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وينظر ما تقدم في ١/ ٤٤٦.