يقولُ تعالى ذكرُه: وأنيبوا إلى ربِّكم، وأسلِموا له؛ ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ﴾. بمعنى: لئلَّا تقولَ نفسٌ: ﴿يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾. وهو نظيرُ قولِه: ﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ [النحل: ١٥]. بمعنى: ألَّا تميدَ بكم، [فـ "أن" - إذ] (١) كان ذلك معناه - في موضعِ نصبٍ.
وقولُه: ﴿يَاحَسْرَتَا﴾. يعني أن تقولَ: يا نَدَما.
كما حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ في قولِه: ﴿يَاحَسْرَتَا﴾. قال: الندامةُ (٢).
والألفُ في قولِه: ﴿يَاحَسْرَتَا﴾. هي ياءُ كنايةِ المتكلمِ (٣)، وإنما أريد: يا حسرتِي، ولكن العربُ تحوِّلُ الياءَ التي في كنايةِ اسمِ المتكلمِ في الاستغاثةِ ألفًا، فتقولُ: يا ويلتا، ويا ندما. فيُخرِجون ذلك على لفظِ الدعاءِ، وربما قيل: يا حسرتِ (٤) على العبادِ. كما قيل: يا لَهْفِ عليه (٥)، ويا لهفَا عليه. وذكَر الفرَّاءُ أن أبا ثَرْوانَ أَنشَدَه (٦):
تَزُورُونها ولا أزورُ نساءَكمْ … ألَهْفِ لأوْلادِ الإماءِ الحواطِبِ
خفضًا كما يُخفضُ في النداءِ إذا أضافه المتكلمُ إلى نفسِه، وربما أدخلوا الهاءَ
(١) في ت ٢، ت ٣: "فأراد". (٢) تقدم تخريجه في ٩/ ٢١٥. (٣) في ت ١: "بالكناية"، وفي ص، ت ٢، ت ٣: "ياء الكناية". (٤) في ص، ت ١: "يالحسرة"، وفي ت ٢، ت ٣: "بالحسرة"، وفي م: "ياحسرة". والمثبت من معاني القرآن ٢/ ٤٢١. (٥) سقط من: م. (٦) معاني القرآن للفراء ٢/ ٤٢١.