وقال آخرون: بل معنى ذلك: هذا الذي أعطَيْناك من القوَّةِ على الجماعِ عطاؤُنا، فجامِعْ مَن شئْتَ من نسائِك وجَوَارِيك، ما شئْتَ بغيرِ حسابٍ، واترُكْ جِماعَ مَن شئتَ منهنَّ.
وقال آخرون: بل (١) ذلك من المقدَّمِ والمؤخَّرِ، ومعنى الكلامِ: هذا عطاؤُنا بغيرِ حسابٍ، فامْنُنْ أو أَمْسِكْ. وذُكِر أن ذلك في قراءةِ عبدِ اللهِ:(هذا فامنن أو أمسك عطاؤنا بغير حساب).
وكان بعضُ أهلِ العلمِ بكلامِ العربِ من البصريِّين يقولُ (٢): في قولِه: ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (٣) وجهان؛ أحدُهما: بغيرِ جزاءٍ ولا ثوابٍ، والآخرُ: منةٍ ولا قلةٍ.
والصوابُ من القولِ في ذلك ما ذكَرْتُه عن أهلِ التأويلِ من أن معناه: لا يُحاسبُ على ما أُعْطى من ذلك الملكِ والسلطانِ.
وإنما قلْنا ذلك هو الصوابُ؛ لإجماعِ الحجةِ من أهلِ التأويلِ عليه.
كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾. أي: مصيرٍ (٤).
إن قال لنا قائلٌ: وما وَجْهُ رغبةِ سليمانَ إلى ربِّه في الملكِ وهو نبيٌّ من الأنبياء،
(١) سقط من: ص، ت ١. (٢) هو أبو عبيدة. ينظر مجاز القرآن ٢/ ١٨٤. (٣) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "له". (٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣١٥ إلى المصنف وعبد بن حميد.