وقولُه: ﴿فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ﴾. [يقولُ تعالى ذكرُه: فمال إلى آلهتهم](١) بعدَما خرَجوا عنه وأدْبَروا.
وأرَى أن أصلَ ذلك مِن قولِهم: راغ فلانٌ عن فلانٍ، إذا حاد عنه،، فيكونُ معناه إذا كان كذلك: فراغ عن قومِه، والخروجِ معهم إلى آلهتِهم، كما قال عديُّ بنُ زيدٍ (٢):
حينَ لا يَنْفَعُ الرَّواغُ ولا يَنْـ … ــــفَعُ إلا المصادقُ النِّحْريرُ
يعنى بقولِه: لا يَنْفَعُ الرَّواغُ: الحِيادُ. أما أهلُ التأويلِ فإنهم فسَّروه بمعنى: فمال.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ﴾: أي: فمال إلى آلهتهم. قال: ذهَب (٣).
حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السدىِّ قولَه: ﴿فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ﴾. قال: ذهَب (٤).
وقوله: ﴿فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (٩١) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ﴾. هذا خبرٌ مِنَ اللَّهِ عن قيلِ إبراهيمَ للآلهةِ، وفى الكلامِ محذوفٌ اسْتُغْنِى بدَلالة الكلامِ عليه مِن ذكرِه، وهو: فقرَّب إليها الطعامَ، فلم يَرَها تَأْكُلُ، فقال لها: ﴿أَلَا تَأْكُلُونَ﴾. فلمَّا لم يَرَها تَأْكُلُ
(١) سقط من: ت ١. (٢) البيت فى الأمالي الشجرية ١/ ٩٢. (٣) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٧٩ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، وينظر تفسير القرطبي ١٥/ ٩٤. (٤) ينظر تفسير القرطبي ١٥/ ٩٤.