حدَّثني علىٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾. يقول: اللؤلؤ المكنونُ (١).
وأولى الأقوالِ فى ذلك بالصوابِ عندى: قولُ مَن قال: شُبِّهن في بياضهن، وأنهن لم يَمَسَّهن قبلَ أزواجِهن إنسٌ ولا جانٌّ - ببياض البيض الذي هو داخل القشر، وذلك هو [الجلدة المُلْبَسةُ](٢) المُحَّ (٣)، قبل أن تمسَّه يَدٌ أو شيءٌ غيرها (٤)، وذلك لا شكَّ هو المكنونُ؛ فأما القشرةُ العليا فإن الطائرَ يَمَسُّها والأيدى تُباشِرُها والعُشُّ (٥) يَلْقاها. والعربُ تقولُ لكلِّ مصونٍ: مكنونٌ. ما كان ذلك الشيءُ؛ لؤلؤًا كان أو بيضًا أو متاعًا، كما قال أبو دَهْبَلٍ (٦):
وتقولُ لكلِّ شيءٍ أَضْمَرَتْه الصدورُ: أَكنَّته، فهو مُكَنٌّ.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك جاء الأثرُ عن رسول الله ﷺ.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم -كما في الإتقان ٢/ ٣٩، وتعليق التعليق ٤/ ٢٩٣ - ، والبيهقي في البعث والنشور (٣٧٧) من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٧٤ إلى ابن المنذر. (٢) في ت ١: "الجلد الملبسته". (٣) المح: صفرة البيض، أو ما في البيض كله من أصفر وأبيض. وقيل: المحة: الصفراء، والغِرْقِئُ: البياض الذي يؤكل. ينظر التاج (م ح ح). (٤) فى ت ١: "أو غيرها". (٥) في ت ١: "العس". (٦) في ت ١: "الشاعر"، والبيت في ديوان أبي دهبل الجمحي ص ٦٩.