وقولُه: ﴿اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ﴾. يقولُ: نفَروا استكبارًا في الأرضِ [وأنفَةً أن يُقرُّوا بنبوَّةِ محمدٍ ﵇ ويَدْعوا باتِّباعِه، ﴿وَمَكْرَ السَّيِّئِ﴾. يقولُ: فعَلوا ذلك استكبارًا في الأرضِ (٢)، وخُدْعةً سيئةً، وذلك أنهم صدُّوا الضعفاءَ عن اتِّباعِه، مع كفرِهم به. والمكرُ هاهنا هو الشركُ.
كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَمَكْرَ السَّيِّئِ﴾: وهو الشركُ (١).
وأُضِيف المكرُ إلى السيئَ، والسيئُ مِن نعتِ المكرِ، كما قيل: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾ [الواقعة: ٩٥]. وقيل: إن ذلك في قراءةِ عبدِ اللَّهِ: (وَمَكْرًا سَيِّئًا)(٣). وفى ذلك تحقيقُ القولِ الذي قلْناه من أن السيئَ في المعنى مِن نعتِ المكرِ.
وقرَأ ذلك قرأةُ الأمصارِ غيرَ الأعمشِ وحمزةَ [بهمزِ السيئِ وخفضِه. وقرَأه الأعمشُ وحمزةُ بهمزِه (٤) وتسكينِ الهمزةِ، اعْتِلالًا منهما بأن الحركاتِ لما كثُرَت
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٥٦ إلى المصنف وعبد بن حميد. (٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٣) وهى قراءة شاذة. ينظر البحر المحيط ٧/ ٣٢٠. (٤) في م: "بهمزة محركة بالخفض. وقرأ ذلك الأعمش وحمزة بهمزة". وفي ت ١، ت ٢، ت ٣: "بهمز".