العربِ مستفيضٌ بينهم فصيحٌ، أن يُخْرِجَ المتكلِّمُ منهم (١) كلامَه على وجهِ الخطابِ منه لبعضِ الناسِ، وهو قاصدٌ به غيرَه، وعلى وجهِ الخطابِ لواحدٍ، وهو يَقْصِدُ به جماعةً غيرَه، أو جماعةٍ (٢) المخاطَبُ به أحدُهم، وعلى وجهِ (٣) الخطابِ للجماعةِ والمقصودُ به أحدُهم، مِن ذلك قولُ اللهِ جل ثناؤه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ ثم قال: ﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [الأحزاب: ١، ٢]. فرجَع إلى خطابِ الجماعةِ، وقد ابتدَأ (٤) الكلامَ بخطابِ النَّبِيِّ ﷺ. ونظيرُ ذلك قولُ الكُمَيْتِ بنِ زيدٍ في مدحِ رسولِ اللهِ ﷺ(٥):
إلى السِّراجِ المُنِيرِ أحْمَدَ لا … يَعْدلُنِى رَغْبَةٌ وَلا رَهَبُ
عنه إلى غَيرِه ولو رَفَعَ النَّـ … ـاسُ إلىَّ العُيُونَ وارْتَقَبُوا
وقِيلَ أفْرَطْتَ بل قَصَدْتُ ولو … عَنَّفَنى القائِلُونَ أَوْ ثَلَبُوا (٦)
لَجَّ بتَفْضِيلِكَ اللِّسانُ ولو … أُكْثِرَ فيك الضِّجَاجُ واللَّجَبُ (٧)