حدَّثنا ابن بشَّارٍ (١)، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن الوليدِ بن العَيزَارِ (٢)، أنه سمِع رجلًا مِن ثَقِيفٍ، حدَّث عن رجلٍ مِن كنِانةَ، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، عن النبيِّ ﷺ أنه قال في هذه الآيةِ: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾. قال:"هؤلاء كلُّهم بمنزلةٍ واحدةٍ، وكلُّهم في الجنةِ"(٣).
وعُنِى بقوله: ﴿الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾: الذين اخْتَرْناهم لطاعتِنا واجْتَبَيْناهم. وقولُه: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾. يقولُ: فمِن هؤلاء الذين اصْطَفَيْنا مِن عبادِنا، مَن يَظْلِمُ نفسَه؛ بركوبِه المآثمَ، واجترامِه المعاصىَ، واقترافِه الفواحشَ، ﴿وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾. وهو غيرُ المُبالِغ في طاعةِ ربِّه، وغيرُ المجتهدِ [فيها لربِّه مِن خدمتِه](٤)، حتى يكونَ عملُه في ذلك قصدًا، ﴿وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾. وهو المُبَرِّزُ [في طاعة اللهِ](٥) الذي قد تقَدَّم المجتهدين في (٦) خدمةِ ربِّه، وأداءِ ما ألزَمه (٧) مِن فرائضِه، فسبَقَهم بصالحاتِ (٨) الأعمالِ، وهى الخيراتُ التي قال اللهُ جلَّ ثناؤُه: ﴿بِإِذْنِ اللَّهِ﴾. يقولُ: بتوفيقِ اللهِ إياه لذلك.
(١) في م، ت ١: "المثنى". (٢) في م: "المغيرة"، وينظر تهذيب الكمال ٣١/ ٦٤. (٣) أخرجه الترمذى (٣٢٢٥) عن محمد بن المثنى به، وأخرجه أحمد ١٨/ ٢٧٠ (١١٧٤٥) عن محمد بن جعفر به، وأخرجه الطيالسي (٢٣٥٠)، والبيهقى في البعث (٦٢)، كلاهما من طريق شعبة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٥١ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه. (٤) في م: "فيما ألزمه من خدمة ربه"، وفى ت ١: "فيها ألزمه من خدمته". (٥) سقط من: م. (٦) سقط من: م، ت ١. (٧) في م: "لزمه". (٨) في م: "بصالح".