حدَّثني أحمدُ بن محمدٍ الطوسيُّ، قال: ثنا عبدُ الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا همامٌ، قال: ثنا عطاءُ بن السائب، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، قال: أمر عمرُ نساء النبيِّ ﷺ بالحجاب، فقالت زينبُ: يا بن الخطاب، إنك لتغارُ علينا والوحى ينزِلُ في بيوتنا؟ فأَنزَل اللَّهُ: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ (١).
حدَّثني أبو أيوبَ البَهْرانيُّ (٢) سليمانُ بنُ عبدِ الحميد، قال: ثنا يزيدُ بنُ عبدِ ربِّه، قال: ثنى ابن حربٍ، عن الزُّبَيْديِّ، عن الزهريِّ، عن عروة، عن عائشة: أن أزواج النبيِّ ﷺ، كُنَّ يخرُجن بالليل إذا تَبرَّزنَ إلى المناصع، وهو صعيدٌ أفيحُ، وكان عمرُ بن الخطاب يقولُ لرسول الله ﷺ: احجُب نساءَك، فلم يكُن رسولُ اللهِ ﷺ يفعلُ، فخرجت سَوْدةُ بنتُ زَمعة زوج النبيِّ ﷺ ليلةً من الليالى عشاءً، وكانت امرأةً طويلةً، فناداها عمرُ بصوته الأعلى: قد عرفناك يا سوْدَةُ. حرصًا على أن ينزل الحجابُ، قالت عائشةُ: فأنزل الله الحجاب، قال الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ (٣).
وقوله: ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾. يقول تعالى ذكرُه: وما ينبغى لكم أن تُؤذوا رسول الله، وما يصلح ذلك لكم، ﴿وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا﴾. يقولُ: وما ينبغى لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدًا؛ لأنهنَّ أمهاتُكم، ولا يحلُّ للرجُل أن يتزوَّج أُمَّه.
وذُكر أن ذلك نزل في رجُلٍ كان يدخُلُ قبل الحجاب (٤)، قال: لئن مات محمدٌ لأتزوَّجَنَّ امرأةٌ من نسائه سمَّاها، فأنزل الله ﵎ في ذلك:
(١) تقدم تخريجه ص ١٦٥. (٢) في م، ت ١: "النهرانى"، وغير منقوطة في ت ٢، والمثبت هو الصواب، وينظر تهذيب الكمال ١٢/ ٢٢. (٣) تقدم تخريجه ص ١٦٨. (٤) بعده في ت ٢: "على بعض من بينه وبينها قرابة فلما نزلت آية الحجاب".