حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ﴾. قال: الأحزابُ؛ عيينةُ بنُ بدرٍ، وأبو سفيانَ، وقُريظةُ. وقولَه: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا﴾. قال: ريحَ الصَّبا، أُرْسِلت على الأحزابِ يوَم الخندقِ، حتى كفَأَتْ قدورُهم على أفواهِها، ونزَعت فساطيطَهم، حتى أظعَنتْهم. وقولَه: ﴿وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾. قال: الملائكةَ، ولم تُقَاتِلْ يومَئذٍ (١).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾. قال: يعنى الملائكةَ. قال: نزَلت هذه الآيةُ يومَ الأحزابِ، وقد حُصِر رسولُ اللهِ ﷺ شهرًا، فخندَق رسولِ اللهِ ﷺ، وأقبَل أبو سفيانَ بقريشٍ ومَن تَبِعه (٢) من الناسِ، حتى نزَلوا بعَقْوَةِ (٤) رسولِ اللهِ ﷺ، وأقبل عيينةُ بنُ حِصنٍ أحدُ بنى بدرٍ، ومَن تَبِعه (٣) من الناسِ، حتى نزَلوا بعَقْوَةِ (٤) رسولِ اللهِ ﷺ، وكاتَبتِ اليهودُ أبا سفيانَ وظاهَروه، فقال حيثُ يقولُ اللهُ تعالى: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾. فبعَث اللهُ عليهم الرعبَ والريحَ، فذُكِر لنا أنهم كانوا كلَّما أوقدوا نارًا أطفَأها اللهُ، حتى لقد ذُكر لنا أن سيدَ كلِّ حيٍّ يقولُ: يا بنى فلانٍ، هَلُمَّ إليَّ. حتى إذا اجتَمعوا عندَه قال: النجاءَ، النجاءَ أُتِيْتُم! لِما بَعَثَ اللَّهُ عليه مِن الرعبِ (٥).
(١) تفسير مجاهد ص ٥٤٧، ٥٤٨، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٨٧ إلى الفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم. (٢) في ت ١: "يحفر الخندق". (٣) في ت ٢: "معه". (٤) في ت ١: "بعقيرة"، وعقوة الدار: حولها وقريبا منها. النهاية ٣/ ٢٨٣. (٥) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١١٣ عن معمر، عن قتادة مختصرا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٨٧ إلى ابن أبي حاتم.