واعتلُّوا في ذلك بما حدَّثنا به الربيعُ بنُ سليمانَ، قال: ثنا ابنُ وهبٍ، قال: أخبرَنى ابنُ أبى الزنادِ، قال: حدَّثنى هشامُ بنُ عروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ زوجِ النبيِّ ﷺ أنها قالت: قدِمت عليَّ امرأةٌ مِن أهلِ دُومَةِ الجندلِ (٢)، جاءت تَبتغى رسولَ الله ﷺ بعدَ موتِه (٣) حَدَاثةَ ذلك، تسألُه عن شيءٍ دخَلتْ فيه من أمرِ السحرِ ولم تعمَلْ به. قالت عائشةُ لعروةَ: يا بنَ أختى، فرأيتُها تبكى حينَ لم تجِدْ رسولَ الله ﷺ فيشفِيَها، كانت تبكى حتى إنى لأرحَمُها، وتقولُ: إنى لأخافُ أن أكونَ قد هلَكْتُ، كان لى زوجٌ فغاب عنى، فدخَلَت عليَّ عجوزٌ فشكَوتُ ذلك إليها، فقالت: إن فعَلتِ ما آمرُكِ به، فأجعلُه يأتيك. فلما كان الليلُ جاءتْنى بكلبَين أسودَين، فركِبتْ أحدَهما وركِبتُ الآخرَ، فلم يكنْ كشيءٍ (٤) حتى وقَفنا ببابلَ، فإذا برجلَين، معلَّقَين بأرجلِهما، فقالا: ما جاء بكِ؟ فقلتُ: أتعلَّمُ السحرَ. فقالا: إنما نحن فتنةٌ، فلا تكفُرى وارجِعى. فأبَيْتُ، وقلتُ: لا. قالا: فاذهَبى إلى ذلك التنُّورِ فبُولى فيه. فذهَبتُ ففزِعتُ فلم أفعلْ، فرجَعتُ إليهما، فقالا: أفعَلتِ؟ فقلتُ: نعم. قالا: فهل رأيتِ شيئًا؟ قلتُ: لم أرَ شيئًا. فقالا: لم تفعَلى، ارجِعى إلى بلادِك ولا تكفُرى. [فأرْبَبْتُ وأبيتُ](٥)، فقالا: اذهَبى إلى ذلك التنورِ فبولى فيه. فذهَبتُ فاقشعرَرْتُ وخفتُ، ثم رجعتُ إليهما فقلتُ: قد فعلتُ.
(١) في م: "الإنسان والحمار". (٢) دومة الجندل: هى ما بين برك الغماد ومكة. معجم ما استعجم ٢/ ٥٦٤. (٣) بعده في الأصل: "في". (٤) هذه اللفظة ليست عند ابن أبى حاتم، حيث أورده مختصرًا، وفى المستدرك: "مكثى"، وفى سنن البيهقى: "كثير". (٥) في م: "فأييت". وأرب فلان بالمكان: إذا أقام به فلم يبرحه. التاج (ر ب ب).