حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ﴾. فقَرأ: ﴿هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾ [الأنبياء: ٢٤]: هاتُوا (١) على ذلك آيةً نعرفُها. وقال: ﴿بُرْهَانَانِ﴾: آيتان مِن اللهِ (٢).
واختلَفت القرأة في قراءةِ قولِه: ﴿فَذَانِكَ﴾؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ الأمصارِ، سِوى ابن كثيرٍ وأبي عمرٍو: ﴿فَذَانِكَ﴾ بتَخْفيفِ النونِ (٣)؛ لأنها نونُ الاثنين. وقرأه ابن كثيرٍ وأبو عمرو:(فَذَانَّكَ) بتشديدِ النونِ.
واختَلف أهلُ العربيةِ في وَجْهِ تَشْدِيدِها؛ فقال بعضُ نحويِّى البصرةِ (٤): ثَقَّلَ النونَ مَن ثَقَّلها للتوكيدِ، كما أدخَلوا اللامَ في "ذلك". وقال بعضُ نَحْوِيِّى الكوفةِ (٥): شُدِّدَت فَرْقًا بينها وبينَ النونِ التي تَسْقُطُ للإضافة؛ لأن "هاتان وهذان" لا تضافُ. وقال آخرُ منهم (٦): هو مِن لغةِ مَن قال: [هذا قال ذلك](٧). فزادَ على الألفِ ألفًا، كذا زادَ على النونِ نونًا؛ ليَفْصلَ بينَها وبينَ الأسماءِ المُتَمَكِّنة. وقال في "ذانِك"(٨): إنما كانت ذلك (٩) في مَن قال: هاذاني (١٠): يا هذا. فَكرِهوا تثنيةَ الإضافةِ، فأعقَبوها باللامِ؛ لأن الإضافةَ تُعَقَّبُ باللام. وكان أبو عَمْرٍو يقولُ:
(١) سقط من: م. (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٧٦ من طريق أصبغ عن ابن زيد. (٣) وهى قراءة نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي. ينظر حجة القراءات ص ٥٤٤. (٤) هو الأخفش كما في تهذيب اللغة ١٥/ ٣٤. (٥) هو الفراء. المصدر السابق. (٦) هو الكسائي. المصدر السابق. (٧) في ص، ت ١، ت ٢: "هذا قال ذاك". (٨) في ص، ت ١، ت ٢: "ذلك". (٩) في ص، ت ١، ت ٢: "ذانك". (١٠) في م، ت ٢: "هذان"، وفي ت ٢: "هذاني".