وقال آخرون: معنى قولِه: ﴿مَا تَتْلُو﴾: ما [تتَّبِعُ وتأتمُّه](٢) وتعمَلُ به.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا [الحسينُ بنُ عمرِو بنِ محمدٍ العَنْقزىُّ](٣)، قال: حدَّثنا أبى، عن أسباطَ، عن السدىِّ، عن أبى مالكٍ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿تَتْلُو﴾. قال: تتَّبِعُ (٤).
وحدَّثنى نصرُ بنُ عبدِ الرحمنِ الأودىُّ، قال: ثنا يحيى بنُ إبراهيمَ، عن سفيانَ الثورىِّ، عن منصورٍ، عن أبى رزينٍ مثلَه.
والصوابُ مِن القولِ فى ذلك أن يقالَ: إن اللهَ تعالى ذكرُه أخبَر عن الذين أخبَر عنهم أنهم اتَّبعوا ما تَتلوا الشياطينُ على عهدِ سليمانَ؛ باتباعِهم ما تَلَته الشياطينُ. ولقولِ القائلِ: هو يتلو كذا. في كلامِ العربِ معنيان: أحدُهما: الاتِّباعُ، كما يقالُ: تَلوتُ فلانًا. إذا مشَيْتَ خلفَه وتبِعتَ أَثرَه، كما قال جلَّ ثناؤه:(هُنالِك تَتْلُو (٥) كلُّ نفسٍ ما أسلَفَتْ) [يونس: ٣٠]. يعنى بذلك: تتَّبِعُ. والآخرُ: القراءةُ والدراسةُ، كما يقالُ: فلانٌ يَتلو القرآنَ. بمعنى أنه يقرَؤه ويدرُسُه، كما قال حسانُ بنُ ثابتٍ (٦):
نَبىٌّ يَرى ما لا يَرى الناسُ حولَه … ويَتْلو كتابَ اللهِ في كلِّ مَشهَدِ
(١) سيأتى بتمامه في ص ٣٢٣. (٢) في م: "تتبعه وترويه". (٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الحسن بن عمرو العبقرى". (٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٩٦ إلى المصنف. (٥) في م، ت ٣: "تبلو". وهى قراءة نافع وابن كثير وعاصم وأبى عمرو وابن عامر. والمثبت قراءة حمزة والكسائى. السبعة لابن مجاهد ص ٣٢٥. (٦) ديوانه ص ٣٧٧.