ولكنه إن شاء اللهُ كما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلَمةُ، عن ابن إسحاقَ في قولِه: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾. قال: ليَكونَ لهم في عاقبةِ أمرِه عدوًّا وحزَنًا؛ لِما أراد اللهُ به، وليس لذلك أخَذوه (٢).
ولكنَّ امرأةَ فرعونَ قالت: ﴿قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ﴾. فكان قولُ اللهِ: ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾. لِمَا هو كائنٌ في عاقبةِ أمرِه لهم، وهو كقولِ القائلِ لآخرَ إذا قَرَّعه بالفعلِ (٣) - كأنْ فعَله وهو يَحسَبُ (٤) محسنًا في فعلِه، فأدّاه فعلُه ذلك إلى مَساءةٍ مُنَدِّمًا له على فعلِه: فعَلتَ هذا لضُرِّ نفسِك، ولتَضُرَّ به نفسَك فعَلتَ. وقد كان الفاعلُ في حال فعلِه ذلك عندَ نفسِه يَفْعَلُه راجِيًا نَفْعَه، غيرَ أن العاقبةَ جاءَت بخلافِ ما كان يَرْجُو. فكذلك قولُه: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾. إنما هو: فالتَقطه آلُ فرعونَ، ظنًّا منهم أنهم مُحْسِنون إلى أنفسِهم؛ ليكونَ قرةَ عينٍ لهم، فكانت عاقبةُ الْتِقاطِهم إياه منه
(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٦٤١. (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٤٤ من طريق سلمة به. (٣) في م: "لفعل". (٤) في ص، ت ١: "يحسبه".