يقولُ تعالى ذكرُه: وتفقَّدَ سليمانُ الطيرَ، فقال: ما لي لا أرَى الهُدْهُدَ؟ وكان سببُ تفقُّدِه الطيرَ وسؤالِه عن الهدهدِ خاصةً مِن بين الطيرِ ما حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا المعتمرُ بنُ سليمانَ، قال: سمِعتُ عِمرانَ، عن أبي مِجْلَزٍ، قال: جلَس ابن عباسٍ إلى عبدِ اللهِ بن سَلَامٍ، فسأَله عن الهدهدِ لم تفقَّده سليمانُ من بين الطيرِ؟ فقال عبدُ اللهِ بنُ سَلامٍ: إن سليمانَ نزَل منزِلَةً في مسيرٍ له، فلم يَدْرِ ما بُعْدُ الماءِ، فقيل له: مَن يَعْلَمُ بُعْدَ الماءِ؟ قالوا: الهدهدُ. فذاك حينَ تفقَّده (١).
حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا عمرانُ بن حُدَيرٍ، عن أبي مجلزٍ، عن ابن عباسٍ وعبدِ اللهِ بن سلامٍ بنحوِه.
حدَّثني أبو السائبِ، قال: ثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن المنهالِ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: كان سليمانُ بن داودَ يُوضَعُ له ستُّمائةِ ألفِ (٢) كرسيٍّ، ثم يجِيءُ أشرافُ الإنسِ فيَجْلسِون مما يليه، ثم تَجيءُ أشرافُ الجنِّ فيَجْلِسون مما يلى الإنسَ. قال: ثم يَدْعو الطيرَ فتُظِلُّهم، ثم يدعو الريحَ فتحمِلُهم. قال: فيسيرُ في الغَداةِ الواحدةِ مسيرةَ شهرٍ. قال: فبينا هو في مسيرِه إذ احتاج إلى الماءِ وهو في فلاةٍ من الأرضِ. قال: فدعا الهدهدَ، فجاءه فنقَر الأرضَ، فيُصيبُ موضعَ الماءِ. قال: ثم تجئُ الشياطينُ، فيَسْلَخونه كما يُسْلَخُ الإهابُ. قال: ثم يَسْتَخْرجون الماءَ. فقال له نافعُ بنُ الأزرقِ:[قِفْ يا وقَّافُ](٣)، أرأيتَ قولَك: الهدهدُ يَجِيءُ فيَنْقُرُ الأَرضَ فيُصِيبُ الماءَ. كيف يُبْصِرُ هذا ولا يُبْصِرُ الفخَّ يجئُ حتى يقَعَ في عنقِه! قال: فقال له ابن عباسٍ: ويحَك إن القدَرَ إِذا جاء حال دونَ البصرِ (٤).
(١) أخرجه ابن أبي شيبة ١١/ ٥٦٦، ٥٦٧ من طريق عمران به مطولًا. (٢) سقط من: النسخ. والمثبت من مصادر التخريج. (٣) في تاريخ دمشق: "يا وصاف". (٤) أخرجه ابن أبي شيبة ١١/ ٥٣٦، والحاكم ٢/ ٤٠٥، وابن عساكر في تاريخه ٢٢/ ٢٦٦، ٢٦٧ من طريق أبي معاوية به، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨٦٠ من طريق سعيد بن جبير به، وعزاه =