يَعْنى إبراهيمُ صلواتُ اللهِ عليهِ بقولِه: ﴿وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ﴾: أورِثْنى يا ربِّ من منازلِ مَن هلَك مِن أعدائِك المشركين بك، من الجنةِ، وأسكنِّى ذلك، ﴿وَاغْفِرْ لِأَبِي﴾.
يقولُ: واصفحْ لأبي عن شركِه بك، ولا تعاقِبْه عليه؛ ﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ﴾. يقولُ: إنه كان ممن ضَلَّ عن سبيلِ الهُدَى، فكفَر بك.
وقد بيَّنا المعنى الذي مِن أجلِه استغفَر إبراهيمُ لأبيه، واختلافَ أهلِ العلمِ في ذلك، والصوابَ عندَنا من القولِ فيه فيما مضَى بما أغنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (١).
﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ﴾. يقولُ: لا تُخْزنى يومَ لا ينفعُ مَنْ كَفَر بك وعصَاك في الدنيا مالٌ (٢) كان له في الدنيا، ولا بنوه الذين كانوا له فيها، فيدفعُ ذلك عنه عقابَ اللَّهِ إِذا عاقبه، ولا يُنجِّيه منه.
وقولُه: ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾. يقولُ: ولا تُخْزنى يومَ يُبعثون، يومَ لا ينفعُ إلا القلبُ السليمُ.
والذي عُنِى به مِن سلامةِ القلبِ في هذا الموضعِ هو سلامةُ القلبِ من الشكِّ في توحيدِ اللهِ، والبعثِ بعدَ المماتِ.