السَّرِيُّ، يعنى ابنَ إسماعيلَ، قال: ثنا الشعبيُّ، عن مسروقٍ، قال: قال عبدُ اللهِ: خرَج رسولُ اللهِ ﷺ ذاتَ يومٍ، فاتَّبَعتُه، فجلَس على نَشَزٍ مِن الأَرضِ، وقعَدتُ أسفلَ منه، ووجهي حِيالَ ركبتيه، فاغتنَمتُ خلوتَه، فقلت: بأبي وأُمى يا رسولَ اللهِ، أيُّ الذنوبِ أكبرُ؟ قال:"أنْ تَدْعُوَ للهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ". قلتُ: ثم مَهْ؟ قال:"أنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ". قلتُ: ثم مَهْ؟ قال:"أَنْ تُزانِيَ حَلِيلَةَ جارِكَ". قال: ثم تلا هذه الآيةَ: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾. إلى آخرِ الآيةِ (١).
حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا طَلْقُ بن غنَّامٍ، عن زائدةَ، عن منصورٍ، قال: ثنى سعيدُ بنُ جبيرٍ - أو حُدِّثتُ عن سعيدِ بن جُبيرٍ - أنّ عبدَ الرحمنِ بنَ أبْزى أمَره أن يسألَ ابنَ عباسٍ عن هاتين الآيتين؛ التي (٢) في "النساءِ": ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ [النساء: ٩٣] إلى آخرِ الآيةِ. والآيةِ التي في "الفرقانِ": ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾. إلى: ﴿وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾. قال ابن عباسٍ: إذا دخَل الرجلُ في الإسلامِ، وعلِم شرائعَه وأمرَه (٣)، ثم قتَل مؤمنًا متعمِّدًا فلا توبةَ له. والتي في "الفرقانِ"، لما أُنزِلت قال المشركون مِن أهلِ مكةَ: فقد عدَلنا باللهِ، وقتَلنا النفسَ التي حرَّم اللهُ بغيرِ الحقِّ، فما ينفَعُنا الإسلامُ؟ قال: فنزَلت: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ﴾. قال: فمن تاب منهم قُبِل منه (٤).
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، قال: ثني سعيدُ بنُ جبيرٍ - أو قال: حدَّثني الحكمُ، عن سعيدِ بن جبيرٍ - قال: أمَرنى عبدُ الرحمنِ بنُ أبزى، فقال: سلِ ابنَ عباسٍ عن هاتين الآيتين ما أمرُهما؛ عن الآيةِ التي في
(١) أخرجه البزار (١٩٤٩) عن أحمد بن إسحاق به، وذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ١٣٥ عن المصنف. (٢) سقط من: ت ١، ف، وفى ص، ت ٢: "اللتين". (٣) بعده في ت ١: "ونهيه". (٤) تقدم تخريجه في ٧/ ٣٤٥، ٣٤٦.