سبيلِ ربِّه، يقولُ: ﴿يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ﴾ في الدنيا ﴿مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾. يعني طريقًا إلى النجاةِ مِن عذابِ اللهِ.
وقولُه: ﴿يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا﴾. اختلَف أهلُ التأويلِ في المعنِيِّ بقولِه: ﴿الظَّالِمُ﴾. وبقوله: ﴿فُلَانًا﴾؛ فقال بعضُهم: عُنِى بالظالمِ عقبةُ بنُ أبي مُعَيطٍ؛ لأنه ارتدَّ بعدَ إسلامِه، طلبًا منه لرضا أبيِّ بن خلفٍ. وقالوا: فلانٌ هو أبيٌّ.
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيِّ، عن ابن عباسٍ، قال: كان أبيُّ بنُ خلفٍ يَحْضُرُ النبيَّ ﷺ، فزجَره عُقْبةُ بنُ أبى مُعَيطٍ، فنزَل: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي﴾. إلى قولِه: ﴿خَذُولًا﴾. قال: الظالمُ عُقْبةُ، و ﴿فُلَانًا خَلِيلًا﴾: أَبيُّ بنُ خَلَفٍ (١).
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن مغيرةَ، عن الشعبيِّ في قولِه: ﴿لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا﴾. قال: كان عقبةُ بنُ أبي مُعَيطٍ خليلًا لأميةَ بن خلفٍ، فأسلَم عقبةُ، فقال أميةُ: وجهى مِن وجِهك حرامٌ إن تابَعتَ (٢) محمدًا. فكفَر، وهو الذي قال: ﴿لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا﴾ (٣).
حدَّثنا الحسنُ، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن قَتادةَ وعثمانَ الجزريِّ، عن مقسمٍ في قولِه: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾. قال: اجتمَع عُقبة بنُ أبي مُعَيطٍ وأبيُّ بنُ خَلَفٍ،
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٦٨ إلى المصنف وابن المنذر وابن مردويه إلى قوله: "خذولا". (٢) في ت ١، ت ٢، ف، وتفسير البغوي: "بايعت". (٣) ذكره الواحدى في أسباب النزول ص ٢٥١، والبغوي في تفسيره ٦/ ٨١.