أشخاصَهم من مكانٍ بعيدٍ تغيَّظَتْ عليهم، وذلك أنْ تَغلِىَ وتفُورَ. يقال: فلانٌ يتغيَّظُ (١) على فلانٍ، وذلك إذا (٢) غَضِبَ عليه، فغَلَى صدْرُه من الغضَبِ عليه، وتبيَّن في كلامِه. ﴿وَزَفِيرًا﴾: وهو صوتُها.
فإن قال قائلٌ: وكيفَ قيل: ﴿سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا﴾. والتغيُّظُ لا يُسمعُ؟
قيل: معنى ذلك: سَمِعُوا لها صوت التغيُّظِ من التلهُّبِ والتوقُّدِ.
حدَّثني محمودُ بنُ خِداشٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ يزيدَ الواسطيُّ، قال: ثنا أصْبَغُ (٣) بنُ زيدٍ الورَّاقُ، عن خالدِ بن كَثِيرٍ، عن [خالدِ بن دُرَيْكٍ](٤)، عن رجلٍ مِن أصحابِ محمدٍ ﷺ، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: "مَنْ يَقُلْ (٥) عَليَّ ما لم أَقُلْ فَلْيَتَبَوأْ بينَ عَيْنَيْ جَهَنَّمَ مَقْعَدًا". قالوا: يا رسولَ اللهِ، وهل لها من عينٍ؟ قال:"ألم تَسْمَعُوا إلى قَوْلِ اللهِ: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾؟ " الآية (٦).
حدَّثنا الحسنُ، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ في قولِه: ﴿سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾. قال: أخبَرنى منصورُ بنُ المعتمرِ، عن مجاهدٍ، عن عُبَيدِ بن عُمَيرٍ، قال: إِنَّ جهنمَ لَتَزْفِرُ زَفْرَةً لا يبقَى مَلَكٌ ولا نبيٌّ إِلا خَرَّ تُرْعَدُ فَرائِصُه حتى إِنَّ
(١) في م، ت ٢: "تغيظ". (٢) في م: "إذ". (٣) في م: "أصبع". وينظر تهذيب الكمال ٣/ ٣٠١. (٤) في ص، ت ١، ت ٣: "دريد"، وفى م: "فُديك". وفى ت ٢، ف: "دريك"، والمثبت من مصادر التخريج. وينظر تهذيب الكمال ٨/ ٥٣. (٥) في ص، م، ت ١، ف: "يقول". (٦) ذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ١٠٤ عن المصنف، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٦٧ من طريق أصبغ به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٦٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.