شَهَادَاتٍ). نصبًا (١)، ولنصبِهم ذلك وجهان؛ أحدُهما: أن تكونَ "الشهادةُ" في قولِه: ﴿فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ﴾. مرفوعةً بمضمرٍ قبلَها، ويكونَ "الأربعُ" منصوبًا بمعنى الشهادةِ. فيكونُ تأويلُ الكلامِ حينئذٍ: فعلى أحدِهم أن يشهدَ أربعَ شهاداتٍ باللهِ والوجهُ الثاني: أن تكونَ "الشهادةُ "مرفوعةً بقولِه: ﴿إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾. و "الأربعُ" منصوبةً بوقوعِ "الشهادةِ" عليها. كما يُقالُ: شهادتى ألفَ مرةٍ إنك لرجلُ سَوْءٍ. وذلك أن العربَ ترفعُ الأيمانَ بأجوبتِها، فتقولُ: حَلِفٌ صادقٌ لأقومَنّ، وشهادةُ عمرٍو ليَقعُدَنَّ.
وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفيين: ﴿أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ﴾. برفعِ "الأربع"(٢)،
ويجعلُونها للشهادةِ مرافِعةً. وكأنهم وجَّهوا تأويلَ الكلامِ: فالذى يلزَمُ من الشهادةِ، أربعُ شهاداتٍ بالله إنه لمن الصادقين.
وأولَى القراءتين في ذلك عندى بالصوابِ (٣) قراءةُ من قرأ (٤): (فَشَهادة أحَدِهِم أَربَعَ شَهَادَاتٍ باللهِ إِنه لَمِنَ الصَادِقِينَ). بنصبِ "أربع"، "بوقوعِ""الشهادة" عليها. و "الشهادةُ" مرفوعةٌ حينئذٍ على ما وصفتُ من الوجهين قبلُ (٥). وأحبُّ وجهيْهما إليَّ (٦) أ ن تكونَ به مرفوعةً (٧) بالجوابِ، وذلك قولَه:
(١) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبى بكر. حجة القراءات ص ٤٩٥. (٢) هي قراءة حمزة والكسائي وحفص عن عاصم. المصدر السابق. (٣) القراءتان متواترتان. (٤) في ص، ف: "قرأه". (٥) في ص: "قيل" (٦) سقط من: ص، ت ١، ت ٢ ت ٣، ف. (٧) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ف: "إلى".