وهذا خبرٌ من اللهِ جل ثناؤُه عن قولِ الملإِ من ثمودَ، أَنَّهم قالوا: ﴿هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ (١)﴾. أى: بعيدٌ ما توعَدون أيها القومُ، من أنكم بعدَ موتِكم ومصيرِكم ترابًا وعظامًا، مخرجون أحياءً من قبورِكم. يقولون: ذلك غيرُ كائنٍ.
وبنحوِ ما قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ﴾. يقولُ: بعيدٌ بعيدٌ (٢).
حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزّاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن قَتادةَ في قولِه: ﴿هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ﴾. قال: يعنى البعثَ (٣).
والعربُ تُدخِلُ اللامَ معَ "هيهاتَ" فى الاسمِ الذى يصحبُها، وتنزِعُها منه، تقولُ: هيهاتَ لك هيهات (١)، وهيهاتَ ما ينبغى (٤) هيهاتَ (٥). وإذا أسقَطتَ اللامَ رفَعت الاسم بمعنى هيهاتَ، كأنه قال: بعيدٌ ما ينبغي لك. كما قال جريرٌ (٦):
(١) سقط من: ت ٢. (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره -كما في التغليق ٤/ ٢٦٣ - من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٩ إلى ابن المنذر. (٣) تفسير عبد الرزاق ٢/ ٤٥، وأخرجه عبد بن حميد -كما في الفتح ٨/ ٤٤٥ - من طريق سعيد عن قتادة، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٩ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم. (٤) فى م، ت ٢: "تبتغى". (٥) سقط من: ت ١. (٦) ديوانه ٢/ ٩٦٥.