حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنى عبدُ الرحمن، قال: ثنا أبو عَوانة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ﴾. قال: من أيام الآخرة.
حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفر، قال: ثنا شعبةُ، عن سماكٍ، عن عكرمة أنَّه قال فى هذه الآية: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾. قال: هذه أيامُ الآخرة. وفى قوله: ﴿ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ [السجدة: ٥]. قال: يومُ القيامة. وقرأ: ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (٦) وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾ (١)[المعارج: ٦، ٧].
وقد اختُلف في وجهِ صرفِ الكلام من الخبر عن استعجال الذين استَعجَلوا العذابَ إلى الخبر عن طولِ (٢) اليوم عندَ اللهِ؛ فقال بعضُهم: إن القومَ استَعجَلوا العذابَ فى الدُّنيا، فأنزل الله: ﴿وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ﴾ فى أَن يُنزِلَ ما وعَدَهم من العذاب فى الدنيا. ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ﴾ من عذابهم في الدنيا والآخرة، ﴿كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ فى الدُّنيا.
وقال آخرون: قيل ذلك كذلك إعلامًا من الله مُستَعجليه العذابَ أَنَّه لا يَعْجَلُ، ولكنَّه يُمهلُ إلى أجلِ أجَّلَه، وأن البَطئ عندهم قريبٌ عنده، فقال لهم: مقدارُ اليوم عندى ألفُ سنةٍ مما تَعُدُّونه أنتم أيُّها القومُ من أيامكم، وهو عندَكم بطئٌ، وهو عندِى قريبٌ.
وقال آخرون: معنى ذلك: وإن يومًا من الثِّقلِ وما يُخافُ كألف سنةٍ.
والقولُ الثاني عندى أشبَهُ بالحقِّ في ذلك؛ وذلك أن اللهُ تعالى ذِكرُه أخبرَ عن
(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ٣٦٥ إلى ابن المنذر. (٢) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "تحول"، وفي ت ٢: "نحول".