وقال آخرون منهم: جائزٌ أن يكونَ معنى ذلك: ذلك (١) هو الضلالُ البعيدُ، يَدْعُو. فيكونُ: ﴿يَدْعُوا﴾ صلةَ ﴿الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾، وتُضْمِرُ في ﴿يَدْعُوا﴾ الهاءَ، ثم تَسْتَأْنِفُ الكلامَ باللامِ، فتقولُ: لمن ضرُّه أقربُ مِن نفعِه لَبئس المولى. كقولِك في الكلامِ في مذهبِ الجزاءِ: لما فعَلْتَ لَهو خيرٌ لك.
فعلى هذا القولِ (مَن) في موضعِ رفعٍ بالهاءِ في قولِه: ﴿ضَرُّهُ﴾؛ لأن "مَن" إذا كانت جزاءً فإنما يُعْرِبُها ما بعدَها، واللامُ الثانيةُ في: ﴿لَبِئْسَ الْمَوْلَى﴾. جوابُ اللامِ الأُولى. وهذا القولُ الآخرُ على مذهبِ العربيةِ أصحُّ، والأولُ إلى مذهبِ أهلِ التأويلِ أقربُ.
وقولُه: ﴿لَبِئْسَ الْمَوْلَى﴾. [يقولُ: لبئس ابن العمِّ هذا الذي يَعْبُدُ اللَّهَ على حرفٍ](٢)، ﴿وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾. يقولُ: ولبئس الخليطُ المُعاشِرُ والصاحبُ هو.
كما حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾. قال: العشيرُ هو المعاشرُ الصاحبُ.
وقد قيل: عُنِى بالمولى في هذا الموضعِ الوليُّ الناصرُ.
وكان مجاهدٌ يقولُ: عُنِى بقولِه: ﴿لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾ الوَثَنُ.
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا وَرْقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾. قال: الوَثَنُ (٣).
(١) سقط من: م، ت ١، ف. (٢) سقط من: ت ٢. (٣) تفسير مجاهد ص ٤٧٨، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ص ٢٩٩ (المخطوط المحمودية) إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.