إظهاره، أو ما (١) كان متفرِّقًا مما هو عندَه، بعضَه إِلى بعضٍ، ولم يكن السحرُ (٢) متفرِّقًا عندَهم فَجَمَعوه (٣).
وأما قولُه: ﴿فَجَمَعَ كَيْدَهُ﴾. فغيرُ شبيه المعنى بقوله: ﴿فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ﴾. وذلك أن فرعون كان هو الذي يَجْمَعُ ويَحْتَفِلُ بما (٤) يَغْلِبُ به موسى مما لم يَكُنْ عندَه مُجْتَمِعًا حاضرًا، فقيل: ﴿فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ﴾.
وقولُه: ﴿ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا﴾. يقولُ: ثم احْضُروا وجيئوا صفًّا. والصفُّ ههنا مصدرٌ، ولذلك وُحِّد، ومعناه: ثم ائْتُوا صُفوفًا.
وللصفِّ في كلام العرب موضعٌ (٥) آخرُ، وهو قولُ العرب: أَتَيْتُ الصفَّ اليومَ. يعني به المُصَلَّى الذي يُصَلَّى فيه.
وقولُه: ﴿وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى﴾. يقولُ: قد ظفر بحاجته اليوم من علا على صاحبه فقهَره.
كما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: حُدِّثْتُ عن وهبِ بن مُنَبِّهٍ، قال: جمَع فرعونُ الناسَ لذلك الجمع، ثم أمر السحرة فقال: ﴿ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى﴾. أي: قد أفْلَح مَن فلَج (٦) اليوم على صاحبه (٧).
(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢. (٢) في ت ١، ف: "السحرة". (٣) في م، ت ٢: "فيجمعونه"، وفى ت ١، ت ٣: "مجتمعون"، وفى ف: "مجتمعوه". (٤) في ص: "مما"، وفى ت ١، ت ٢: "فيما". (٥) في ت ٢: "مواضع". (٦) في م: "أفلج". (٧) تقدم أوله في ص ١٩.