فيشفعُ (١) بعضُهم لبعضٍ ﴿إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ﴾ منهم ﴿عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ في الدنيا ﴿عَهْدًا﴾ بالإيمانِ به، وتصديقِ رسولِه، والإقرارِ بما جاء به، والعملِ بما أمَر به.
كما حدَّثني [عليٌّ، قال: ثنا](٢) عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾. قال: العهدُ؛ شهادةُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، ويَتَبَرَّأُ إلى اللهِ مِن الحَوْلِ والقُوَّةِ، ولا يرجُو إلا الله (٣).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ قوله: ﴿لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾. قال: المؤمنون يومئذٍ بعضُهم لبعضٍ شفعاء: ﴿إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾. قال: عَمَلًا صالحًا (٤).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ قوله: ﴿لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾: أي بطاعته، وقال في آيةٍ أُخرى: ﴿لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾ [طه: ١٠٩]، تَعَلَّمُوا (٥) أَن الله [مُشَفِّعٌ يومَ القيامةِ](٦) المؤمنينَ بعضَهم في بعضٍ؛ ذُكِر لنا أن نبيَّ اللهِ ﷺ كان يقولُ:"إِنَّ في أُمَّتى رجلًا، لَيُدخِلَنَّ الله الجنة بشفاعتِه أكثر من بني تَمِيمٍ". وكنا
(١) أي فيشفع هؤلاء الكفار بعضهم لبعض، كما يشفع أهل الإيمان بعضهم لبعض. (٢) سقط من: ص، ت ١، ف. (٣) أخرجه الطبراني في الدعاء ٣/ ١٥١٨ (١٥٧٠)، والبيهقى في الأسماء والصفات ١/ ٢٧٢ (٢٠٦)، كلاهما من طريق عبد الله به، وفى الدعاء: "وهى رأس كل تقوى" بدل "ولا يرجو إلا الله"، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٨٦ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم. (٤) عزا السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٨٦ شطره الأول إلى ابن المنذر، وذكر الطوسي في التبيان ٧/ ١٣٤، وأبو حيان في البحر المحيط ٦/ ٢١٧ شطره الأخير. (٥) في م: "ليعلموا، وفى ت ١، ف: "يعلمون"، وفى ت ٢: "يعلموا". وتعلَّموا: اعلَمُوا. ينظر اللسان (ع ل م). (٦) في م: "يوم القيامة يشفع". وجاءت العبارة في الدر المنثور: يشفع المؤمنين يوم القيامة.