كانت تسمعُ، [يعني: ما كانت تسمع](١) من الملائكة من البشارة بعيسى، حتى إذا كلَّمها، يعنى عيسى، وجاءها مصداق ما كان الله وعدها احتمَلَتْه، ثم أقبلت به إلى قومها.
وقال السدىُّ في ذلك ما حدَّثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدىِّ، قال: لما ولدته ذهَب الشيطانُ، فأخبر بنى إسرائيل أنَّ مريم قد ولدت، فأقبلوا يشتدُّون، فدعَوْها، ﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ﴾ (٢).
وقوله: ﴿قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا﴾. يقول تعالى ذكرُه: فلما رأَوْا مريمَ، ورَأَوْا معها الولد الذى ولدته، قالوا لها: يا مريم لقد جئت بأمر عجيب، وأحدثْتِ حدَثًا عظيمًا.
وكلُّ عاملٍ عملًا أجادَه وأحسنه فقد فَرَاه، كما قال الراجزُ (٣):
قَدْ أَطْعَمْتِنِي دَقَلًا حَجْرِيًّا
قدْ كنتِ تَفْرِينَ به الفَرِيَّا
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسي، وحدَّثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ
(١) سقط من: م، ت ١، ف. (٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٦٠٠، بنفس الإسناد موصولًا عن ابن عباس وابن مسعود. (٣) هو زرارة بن صعب، تنظر الأبيات في اللسان (د و د) (س و س)، (ف ر ا).