وإنما هو أفعلُ من المجيءِ، كما يُقالُ: جَاء هو، وأجأتُه أنا. أي: جئتُ به. ومَثَلٌ مِن أمثالِ العربِ: شرٌّ ما أَجَاءَنى إلى مُخَّةِ عُرقُوبٍ وأشاءني (١). ويُقالُ: شرٌّ ما يُجيئُكَ ويُشيئُكَ إلى ذلك. ومنه قولُ زُهيرٍ (٢):
يعنى: جاء به وألجأه (٣) إلينا. وأشاءَك من لغة تميمٍ، وأجاءَك من لغة أهلِ العاليةِ، وإنما تأوَّل مَن تأوَّل ذلك بمعنى: ألجأها (٤)؛ لأن المخاض لمَّا [جاءَ بها](٥) إلى جذع النخلة كان قد ألجأها إليه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ﴿فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ﴾. قال: المخاضُ ألجأَها (٦).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: ألجأها المخاضُ.
(١) في م: "أشاء". ويضرب للمضطر جدًّا؛ لأن العرقوب لا مخ له. يقول: ما ألجأك إليها إلا شرٌّ. مجمع الأمثال ٢/ ١٥١. (٢) شرح ديوانه ص ٧٧. (٣) في م: "أجاءه". (٤) في ص، ت ١، ف: "أجاءها". (٥) في م، ت ١، ف: "جاءها". (٦) تفسير مجاهد ص ٤٥٤، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٦٧ إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.