يكون لي غلامٌ؟ أَمِنْ قِبَلِ زوجٍ أتزوَّجُ، فَأُرزَقَه منه؟ أم يَبتَدِئُ اللهُ فِيَّ خلقَه ابتداءً؟ ﴿وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ﴾ من ولدِ آدم بنكاحٍ حلالٍ، ﴿وَلَمْ أَكُ﴾ -إذ لم يَمْسَسْنى منهم أحدٌ على وجه الحلالِ- ﴿بَغِيًّا﴾ بِغَيتُ ففعلتُ ذلك من الوجهِ الحرام، فحملتُ من زنًى.
كما حدَّثنا موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ: ﴿وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا﴾. يقولُ: زانيةً (١).
﴿قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾. يقول تعالى ذكره: قال لها جبريلُ: هكذا الأمرُ كما تصفين؛ مِن أنكِ لم يَمْسَسْك بشرٌ، ولم تَكُونى بغيًّا. ولكنَّ ربَّك قال: ﴿هُوَ عَلَى هَيِّنٌ﴾. أي: خَلْقُ الغلام الذي قلتُ إِنِّي (٢) أَهَبُه لك ﴿عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾: لا يَتَعَذَّرُ على خَلقه وهِبتُه لكِ مِن غيرِ فحلٍ يَفْتَحِلُكِ.
وقوله: ﴿وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ﴾. يقولُ: وكى نجعل الغلامَ الذي نَهَبُه لك علامةً وحُجَّةً لي على خلقى، أَهَبُه لكِ. ﴿وَرَحْمَةً مِنَّا﴾. يقولُ: ورحمةً مِنَّا لكِ، ولمن آمن به (٣) وصدَّقه، أخلُقُه مِنك. ﴿وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا﴾. يقولُ: وكان خلْقُه منكِ أمرًا قد قضاه الله، ومضَى في حكمه وسابق علمِه أنه كائنٌ منكِ.
كما حدَّثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثنى مَن لا أَتَّهِمُ عن وهب بنِ مُنبِّهٍ: ﴿وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا﴾ أي: إن الله قد عزَم على هذا (٤)، فليس منه بدٌّ (٥).
(١) تقدم أوله في ص ٤٨٣. (٢) في ص، م، ت ١، ف: "أن". (٣) في ت ٢: "بك". (٤) في م: "ذلك". (٥) ينظر تفسير ابن كثير ٥/ ٢١٦.