الحسنى (١). وإذا قُرِئَ ذلك كذلك، فله وجهان من التأويلِ؛ أحدُهما: أن يُجْعَلَ الحسنى مرادًا بها إيمانُه وأعمالُه الصالحةُ، فيكونُ معنى الكلامِ إذا أُرِيدَ بها ذلك: وأما مَنْ آمَن وعمل صالحًا فله جزاؤُها. يعنى: جزاءَ هذه الأفعالِ الحسنةِ.
والوجهُ الثاني: أن يكونَ معنيًّا بالحسنى الجنةُ، وأُضِيف الجزاءُ إليها، كما قيل: ﴿وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ﴾ [يوسف:١٠٩]. والدار هي الآخرةُ، وكما قال: ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة: ٥]. والدينُ هو القيمُ.
وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندى قراءةُ مَن قرَأه: ﴿فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى﴾ بنصبِ الجزاءِ وتنوينهِ على المعنى الذي وصَفتُ، من أن لهم الجنةَ جزاءً، فيكونُ الجزاءُ نصبًا على التفسيرِ.
وقولُه: ﴿وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾. يقولُ: وسنُعلِّمُه نحن في الدنيا ما تيسَّر لنا تعليمُه مما يقرِّبُه إلى اللَّهِ، ونُلينُ له من القولِ.
وكان مجاهدٌ يقولُ نحوًا مما قلنا في ذلك.
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾. قال: معروفًا (٣).
(١) وهى قراءة نافع وأبي عمرو وابن عامر وابن كثير. ينظر السبعة ص ٣٩٨، ٣٩٩، والكشف عن وجوه القراءات ٢/ ٧٤، ٧٥. (٢) وهى قراءة حفص وحمزة والكسائي. ينظر المصدران السابقان. (٣) تفسير مجاهد ص ٤٥١. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٤٩ إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر=