نزلت في نفرٍ من اليهود، منهم فِنْحَاص بن عازورا (١)، وزيد بن قيس، وذلك أنهم قالوا لحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر (٢) بعد وقعة أحد: ألم تَرَيا ما أصابكم، ولو كنتم على الحق ما هُزمتم، فارجعا إلى ديننا فهو خير لكم وأفضل، ونحن أهدى منكم سبيلًا، فقال لهم (٣) عمار: كيف نقض العهد فيكم؟ قالوا: شديد. قال: فإنِّي قد (٤) عاهدت أن لا أكفر بمحمد ما عشت. فقالت اليهود: أمَّا هذا فقد صبأ. وقال حذيفة: وأمَّا أنا فقد رضيتُ بالله ربًّا، وبمحمدٍ نبيًّا، وبالإسلام دينًا، وبالقرآن إمامًا، وبالكعبة قبلةً، وبالمؤمنين إخوانًا.
ثمَّ أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبراه بذلك، فقال: "أصبتما الخير
(١) فنحاص بن عازورا هو أحد أحبار يهود بني قينقاع، وذكر ابن إسحاق أنه هو الذي ضرب أبو بكر - رضي الله عنه - وجهه عندما قال: إن الله فقير إلينا. وأنزل الله فيه: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: ١٨١]. انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام ١/ ٥١٤، ٥٥٨، "المفصل في تاريخ العرب" لجواد على ٦/ ٥٤٨. (٢) عمَّار بن ياسر بن عامر بن مالك العَنْسي -بنون ساكنة بين مهملتين- أبو اليقظان، مولى بني مخزوم، صحابي جليل مشهور، من السابقين الأولين، بدري، قتل مع عليّ بصفّين سنة سبع وثلاثين. "الاستيعاب" لابن عبد البر ٤/ ١٢٢، "تقريب التهذيب" لابن حجر (٤٨٧٠). (٣) ساقطة من (ت). (٤) من (ج).