قال ذو النون المصري: إن كان هو يراك من حيث لا تراه فإنّ الله يراه من حيث لا يرى الله، فاستعن بالله عليه فإنّ كيد الشيطان كان ضعيفًا (١){إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ} أعوانًا وقرناء (٢){لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}.
٢٨ - قوله تعالى:{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً}
وفاحشتهم أنّهم كانوا يطوفون بالبيت عُراة الرجال والنساء، ويقولون: نطوف كما ولدتنا أُمهاتنا، ولا نطوف في الثياب التي قارفنا (٣) فيها الذنوب، وكانت المرأة تضع على قُبُلها النِّسْعَة (٤) أو الشيء، فتقول:
اليوم يبدو بعضُهُ أو كُلُّهُ وما بدا منه فلا أُحِلُّهُ (٥) وفي الآية إضمار معناه {وَإِذَا فَعَلُواْ فَحِشَةً} فنُهوا عنها {قَالُواْ وَجَدْنَا
(١) ذكره النسفي في "مدارك التنزيل" ١/ ٤٠٩ عنه مع اختلاف في الألفاظ. (٢) من (ت). (٣) يقال: قارفَ فلانٌ الخطيئة: أَي خالطها. انظر: "لسان العرب" لابن منظور ٩/ ٢٧٩ (قرف) (٤) النَّسْعَة: سير مضفور يجعل زمامًا للبعير وغيره، وقد تنسج عريضة تجعل على صدر البعير، وكأنها كانت تستعمل العريض منه لأنه أبلغ في الستر، ويؤيده البيت الَّذي بعده. انظر: "لسان العرب" لابن منظور ٨/ ٣٥٢: (نسع). (٥) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٨/ ١٥٤ عن مجاهد. يقال أن المرأة التي قالت ذلك هي: ضباعة بنت عامر بن صعصعة ثم من بني سلمة بن قشير. انظر: "الروض الأنف" للسهيلي ١/ ٢٣٢.