قال المفسرون: سألت اليهودُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الروح فأنزل الله تعالى بمكة (١){وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}(٢) الآية، فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة أتاه أحبار اليهود فقالوا: يا محمد بلغنا عنك أنك تقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}، أفعنيتنا أم قومك؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كُلًّا قد عَنَيْتُ"، قالوا: ألستَ تتْلُوا فيما أتاك (٣): قد أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء؟ فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "هي في علم الله قليل وقد آتاكم (٤) ما إن عملتم به انتفعتم" قالوا: يا محمد كيف تزعم هذا وأنت تقول: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}(٥) فكيف يجتمع هذا علم قليل وخير كثير؟ فأنزل الله تعالى:{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} أي: بُرّيَتْ أقلامًا (٦).
(١) ساقطة من (ح). (٢) الإسراء: ٨٥. (٣) في (ح): جاءك أنك، وفي (س): جاءنا أنا. (٤) في (س)، (ح) بزيادة لفظ الجلالة: الله. (٥) البقرة: ٢٦٩. (٦) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١٥/ ١٥٧، ٢١/ ٨١ عن ابن عباس، وبنحوه عن عكرمة مرسلًا، وعن عطاء بن يسار، وهو مرسلٌ أيضًا، وذكره الواحدي في "أسباب النزول" (٣٥٨) بدون إسناد، وذكره ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" ١١/ ٧٨ بنحوه من رواية ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، ومحمد بن أبي محمد، قال عنه الحافظ ابن حجر في "تقريب التهذيب": شيخ لعبد الرزاق مجهول، وابن عطية ذكره في "المحرر =