وذلك؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث السرايا، (فإذا غلبوا، أو غلبوا بادر المنافقون بالاستخبار عن حال السرايا، فيفشونه، ويحدثون به)(١) قبل أن يحدث به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله تعالى:{وَإِذَا جَاءَهُمْ} يعني المنافقين، {أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ} أي: الغنيمة والفتح {أَوِ الْخَوْفِ} أي: الهزيمة والقتل، {أَذَاعُوا بِهِ} أي: أشاعوه، وأفشوه.
{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ} أي: ولو لم يحدثوا به، ولم يفشوه، حتى يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يحدث به ويفشيه، وأولوا الأمر منهم ذوو الرأي من الصحابة مثل: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، رضي الله عنهم (٢){لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} قال الكلبي (٣)، عن أبي صالح (٤)، عن ابن عباس، وعلي بن الحكم عن الضحاك:{يَسْتَنْبِطُونَهُ} أي: يتبعونه (٥).
وقال عكرمة: يحرصون عليه، ويسألون عنه (٦).
وقال أبو عبيدة، والقتيبي: يستخرجونه، يقال: أستنبطت الماء،
(١) في (ت): فإذا سمعوا بذلك أفشوه وتحدثوا به. (٢) هذا قول الكلبي، كما نقله عنه السمرقندي في "بحر العلوم" ١/ ٣٧١. (٣) متهم بالكذب، ورمي بالرفض. (٤) ضعيف، يرسل. (٥) كذا في النسخ، وعند الطبري في "جامع البيان" ٥/ ١٨٢ عن الضحاك: يتتبعونه. (٦) لم أجده.