قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتمرًا حتَّى إذا كان بالحُديبية صالحة مشركو مكة على أنَّ من أتاه من أهل مكةَ ردَّه عليهم، ومن أتى مكة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو لهم ولم يردوه عليه، وكتبوا بذلك كتابًا وختموا عليه، فجاءت سبيعة بنت الحارثِ الأسْلمية - رضي الله عنها - مسلمة بعد الفراغ من الكتاب، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بالحُديبية، فأقبل زوجها مسافر من بني مخزوم (١) - وقال المقاتلان هو: صيفي بن واهب- في طلبها، وكان زوجها كافرًا، فقال: يَا محمَّد أردد على امرأتي فإنَّك قد شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا، وهذِه طينةُ الكتاب لم تجفَّ بعدُ، فأنزل الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} من دار الكفار إلى دار الإِسلام (٢).
{فَامْتَحِنُوهُنَّ} قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: امتحانهنَّ أن يستحلفن [أنَّهن](٣) ما خَرجن من بغض زوجها وما خرجن رغبة عن أرض إلى
(١) بنو مخزوم: بطن من لؤي بن غالب، من قريش. انظر: "نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب" للقلقشندي (٣٧١). (٢) انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن أبي حاتم ونسبه لمقاتل ١٠/ ٣٣٥٠ بنحوه. وانظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٥٠ - ١٥١، "النكت والعيون" للماوردي ٥/ ٥٢٠ - ٥٢١ بنحوه، "الوسيط" للواحدي ٤/ ٢٨٥، بمعناه مختصرًا, ولم ينسبوه. وذكره الواحدي في "أسباب النزول" بنحوه (ص ٤٤٤)، "معالم التنزيل" للبغوي ٨/ ٩٧ بمثله، "زاد المسير" لابن الجوزي ٨/ ٢٣٨ بنحوه. (٣) في الأصل: أنها. والمثبت اقتضاه السياق.