{وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} وسط الطريق (١). فإن قيل: كيف قال: إن هذا أخي، فأوجب الأخوة بين الملائكة ولا مناسبة بينهم لأنهم لا ينسلون؟
فالجواب: أن معنى الآية: نحن كخصمين كما يقال وجههُ القمرُ حسنًا. أي: كالقمر.
ثم قال أحد الخصمين:
٢٣ - {إِنَّ هَذَا أَخِي}
على التمثيل لا على التحقيق على معنى كونهما على طريقة واحدة وجنس واحد كقوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(٢).
وقد قيل: إن المتسوّرين كانا أخوين من بني إسرائيل لأب وأم، وإن أحدهما كان ملكا والآخر لم يكن ملكًا، فَنَبَّها داود عليه السلام على ما فعل، قال تعالى:{لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} وهذا من أحسن التعريض حين كنَّى بالنِّعَاج عن النساء، والعربُ تفعل ذلك كثيرًا توّري عن النساء بالظباء والشاء والبقر، وهو كثيرٌ فاشٍ في أشعارهم (٣)، قال الحسين بن الفضيل: هذا تعريض للتفهيم
(١) قال الراغب الأصبهاني (ص ٤٥٣) (سوى): ومكان سُوِّي وسواء: وسَطٌ، وقوله: {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: ٥٨] أي: عَدْلٍ من الحكم. اهـ. وانظر أيضًا "بصائر ذوي التمييز" للفيروزآبادي ٣/ ٢٨٧ (سوى). (٢) الحجرات: ١٥. (٣) ومن أشعارهم في ذلك قول الأعشى: فَرَميْتُ غَفْلةَ عَيْنِهِ عن شاتِهِ ... فَأَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبِهَا وَطِحالها =