عنهما، وقرأ الباقون (ورحمة) بالرفع (١)، بمعنى: هو أذن خير وهو رحمة، جعل الله سبحانه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - مفتاح الرحمة ومصباح الظلمة، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم.
قال قتادة والسدي: اجتمع ناس من المنافقين فيهم جلاس بن سويد، ووديعة بن ثابت، فوقعوا في النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: لئن كان ما يقول محمد حقًّا؛ لنحن شرٌّ من الحمير، وكان عندهم غلام من الأنصار يقال له: عامر بن قيس (٢)، فحقَّروه وقالوا هذِه المقالة، فغضب الغلام وقال: والله إنَّ ما يقول محمد حقّ وأنتم شرٌّ من الحمير، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فدعاهم، فسألهم، فحلفوا أن عامرًا كذاب، وحلف عامر أنهم كذبة، فصدَّقهم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فجعل عامر يقول: اللهم صدّق الصادق وكذّب الكاذب، وقد كالن قال بعضهم (٣) في ذلك: يا معشر المنافقين والله إني
(١) انظر القراءتين وتوجيههما في "السبعة" لابن مجاهد (ص ٣١٥)، "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري ٢/ ٢٨٠، "الكامل في القراءات الخمسين" للهذلي (ل ١٩٩/ أ)، "الحجة" للفارسي ٤/ ٢٠٣، "الموضح في القراءات" لابن أبي مريم ٢/ ٥٩٩. (٢) هو عامر بن قيس الأنصاري، ابن عَمّ الجُلاس بن سويد، قال ابن حجر: ذكره موسى بن عقبة في "المغازي"، وأنه أحد من سمع الجلاس بن سويد يقول. "الإصابة" لابن حجر ٥/ ٢٩٤. (٣) عند ابن أبي حاتم سمّي ذلك القائل مخشي بن حمير.