هذا إعلام من الله تعالى أنه هو المتكفل بنصر رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإظهار دينه أعانوه أو لم يعينوه، وأنه قد نصره حين كان أولياؤه قليلًا وأعداؤه كثيرًا، فكيف به اليوم وهو في كثرة من العدد والعدة. فقال عز من قائل: إن لا تنفروا أيها المؤمنون إذا استنفركم، ولا تنصروه إذا استنصركم، فالله معينه ومغنيه عنكم كما نصره {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}(٢).
وقيل معناه: إن لم تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا من مكة، حين مكروا به وأرادوا تبييته وهموا بقتله (٣){ثَانِيَ اثْنَيْنِ} نصب على الحال (٤)، أي: وهو أحد الاثنين، والاثنان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر الصديق (٥) - رضي الله عنه -.
{إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} وهو نقب في جبل بمكة يقال له ثور (٦).
(١) "جامع البيان" للطبري ١٠/ ١٣٤، "معالم التنزيل" للبغوي ٤/ ٤٨. (٢) "جامع البيان" للطبري ١٠/ ١٣٥ - ١٣٦، بتصرف يسير. (٣) إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٣٠)} [الأنفال: ٣٠]. (٤) انظر "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٤٤٩، "البحر المحيط" لأبي حيان ٥/ ٤٥. (٥) من (ت). (٦) ثور: جبل جنوب مكة، عالٍ أغبر، يرى من جميع نواحيها المرتفعة، وبه غار ثور الذي اختبأ فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه أول هجرته. =