أن يكون عبدًا لله"، قالوا: بلى، فنزل {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ}(١) لن يأنف، ولن يتعظَّم، ولن يحتشم، وأصله الأنفة، والتجنُّب (٢)، وأصله من قولهم: نكفْت الدمع، إذا نحيته بأصبعك، قال الشاعر:
فبانوا فلولا ما تذكّر منهم ... من الخلف لم يُنْكَفْ لعينك مَدمعُ (٣)
{أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} وهم حملة العرش، لا يأنفون أن يكونوا عبيدًا لله، لأنَّ من الكفار من اتخذ الملائكة آلهة، فلذلك ذكرهم، ثم أوعدهم فقال:{وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} المستكبر، والمقر.
من التضعيف ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، {وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا} عن عبادته، {وَاسْتَكْبَرُوا} عن السجود له، {فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}.
ثم قال لك:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا}(٤).
(١) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص ١٩٠)، من رواية الكلبي. (٢) انظر: "القاموس المحيط" للفيروزآبادي (ص ١١٠٩) (نكف). (٣) ذكر البيت الزجاج في "معاني القرآن" ٢/ ١٣٦، ابن منظور في "لسان العرب" لابن منظور (نكف)، ولم أعثر على قائله. (٤) البقرة: ٢٥٧.