أي: من الجنّة، وقيل: من السماء إلى الأرض، فألحقه بجزائر البحور، وإنَّما سلطانه وعظمته في جزائر البحور، وعرشه في البحر الأخضر، فلا يدخل الأرض إلاَّ كهيأة السارق، عليه أطمار يروغ فيها حتى يخرج منها {فَمَا يَكُونُ لَكَ} فليس لك {أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا} في الجنَّة، وليس ينبغي أن يسكن الجنَّة ولا السماء متكبر مخالف أمر الله تعالى:{فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} الأذلاء، والصغار: الذل والمهانة.
١٤ - {قَالَ} إبليس عند ذلك: {أَنْظِرْنِي}
أي: أجلني (١) وأخرّني وأمهلني ولا تمتني {إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} من قبورهم، وهو النفخة الأخيرة عند قيام الساعة، أراد الخبيث ألا يذوق الموت.
١٥ - {قَالَ} الله تعالى: {إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ}
المؤخّرين، ثمّ بيّن مدّة النظرة والمهلة في موضع آخر، فقال:{إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ}(٢) وهو النفخة الأولى حين يموت الخلق كلّهم.
١٦ - {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي}،
اختلفوا في (ما) فقال (٣): بعضهم هو استفهام، يعني فبأي: شيء أغويتني؟ ثمّ ابتدأ فقال:{لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ}. وقيل: هو (ما) الجزاء يعني
(١) من (ت) و (س). (٢) الحجر: ٣٨. (٣) ذكر هذِه الأقوال الطبري في "جامع البيان" ٨/ ١٣٤ ولم ينسبها، وإنما قال: وكان بعضهم يتأول ....