لإزالة التهمة {قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ} فكان يفتش أمتعتهم واحدًا واحدًا.
قال قتادة: ذكر لنا أنه كان لا يفتح متاعًا، ولا ينظر في وعاء إلا استغفر الله تأثمًا مما قرفهم به، حتى لم يبق إلا الغلام، فقال: ما أظن هذا أخذ شيئًا. فقال إخوته: والله لا يترك حتى تنظر في رحله؛ فإنه أطيب لنفسك ولأنفسنا (فلا تغتبنا)(١). فلما فتحوا متاعه استخرجوه منه (٢).
فذلك قوله عز وجل:{ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ} وإنما أنّث الكناية في قوله: {اسْتَخْرَجَهَا} والصواع مذكر، وقد قال الله تعالى:{وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} لأنه رده إلى السقاية (٣)، كقوله:{الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ} ثم قال: {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(٤) ردها إلى الجنة. وقوله:{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ} ثم قال: {فَارْزُقُوهُمْ
(١) ساقطة من (ن)، (ك). (٢) أخرجه عبد الرزاق في "تفسير القرآن العظيم" ٢/ ٣٢٥، والطبري في "جامع البيان" ١٦/ ١٨٥، وفي "تاريخ الرسل والملوك" ١/ ٣٥٤، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٧/ ٢١٧٥. وقال السدي، أخرجه عنه ابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٧/ ٢١٧٥. (٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٥٢، "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ١٥١، واختاره الزجاج. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٢٣، "زاد المسير" لابن الجوزي ٤/ ٢٦١. (٤) المؤمنون: ١١.