إن شئت جعلتها متصلة بقوله:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ}، {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا}، وإن شئت جعلتها منقطعةً منها، مستأنفةً، ويكون المعنى: من الذين هادوا من يحرفون (١)، كقوله: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤)} (٢) يعني: إلا من له.
قال ذو الرمة:
فظلوا، ومنهم دمعه سابق له ... وآخر يثني عَبْرة العين بالمُهْلِ (٣)
يريد: ومنهم من دمعه.
{يُحَرِّفُونَ}: يغيرون {الْكَلِمَ}، وقرأ علي بن أبي طالب:(الكلام)(٤){عَنْ مَوَاضِعِهِ} يعني صفة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وآية الرجم.
وقال ابن عباس: كانت اليهود يأتون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيسألونه عن الأمر، فيخبرهم، ويرى أنهم يأخذون بقوله، فإذا انصرفوا من عنده
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٧١، "جامع البيان" للطبري ٥/ ١١٧، ورجح الوجه الأول، وأما الزجاج في "معاني القرآن" ٢/ ٥٨ فقد رد الوجه الثاني، لأن الموصول لا يحذف، وتبقى صلته. (٢) الصافات: ١٦٤. (٣) كذا في النسخ، والذي في ديوان ذي الرمة: بالهمل. (٤) وهي قراءة شاذة. انظر: "مختصر في شواذ القرآن" لابن خالويه (ص ٢٦)، "إعراب القراءات الشواذ" للعكبري ١/ ٣٩١. =